ولذلك أطلق النبي صلى الله عليه وسلم للأمة في تلك الأيام وصايا وثوابت ومسلمات ليتنا تدارسناها من حين إلى حين، ومن تلك العبارات والكلمات: قوله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس! إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد).
فأين الأمة اليوم من هذا الدرس العظيم، وقد تفرقت واختلفت بين قومية ووطنية؟! فقتلتها العصبية القبلية، والعادات الجاهلية؛ لأن التفاخر بالأنساب والألوان والأجناس باطل؛ فكلنا لآدم، وآدم من تراب، ألا تراهم في الحج بلباس واحد ونداء واحد؟! وقال:(أيها الناس! لا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس، فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض؛ فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده أبداً: كتاب الله وسنتي، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
يا أيها الناس! إن لنسائكم عليكم حقاً، ولكم عليهن حقاً، إنما النساء عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد).
فأين دعاة التحرر والمطالبون بحقوق المرأة من هذه الكلمات والعبارات؟ أين أنت -يا أمة الله- حتى تعرفي قدرك وقيمتك في هذا الدين؟ فأنت عزيزة مكرمة.
ودع نبي الأمة أمته في تلك المواقف والمشاعر بعد أن أوصى الحاضر بتبليغ الغائب، ودع الأمة وقد أتم الله به الدين وأقام به الملة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
نسينا في ودادكم كل غال فأنتم اليوم أغلى ما لدينا تسلى الناس في الدنيا وإنا لعمر الله بعدكم ما سلينا ولما نلقكم ولكن شوقاً يذكرنا فكيف إذا التقينا