إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه أجمعين، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى من استن بسنته واهتدي بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيتها المؤمنة أيتها التقية النقية! حديثنا هو عن اليوم الآخر، اليوم الآخر الذي لا يوم بعده، ولا يوم مثله.
إن الإيمان بالله واليوم الآخر ركن من أركان الإيمان وعقيدة من عقائد الإسلام الأساسية، فقضية الإيمان باليوم الآخر هي التي يقوم عليها بناء العقيدة بعد قضية التوحيد، واليوم الآخر وما فيه من الأمور الغيبية التي لا يدركها العقل، ولا سبيل لمعرفتها إلا بالنص القرآني والسنة النبوية.
وفي كتاب الله من ذكر اليوم الآخر وما فيه من الأهوال الشيء الكثير، فما تكاد تخلو صفحه من صفحات الكتاب الحكيم من صور ذلك اليوم أو موقف من مواقف ذلك اليوم العصيبة، فهو الذي لا يوم مثله ولا يوم قبله ولا بعده، إنه اليوم العقيم، قال سبحانه:{وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}[الحج:٥٥].
ولأهمية هذا اليوم العظيم نجد أن الله تعالى كثيراً ما يربط الإيمان به بالإيمان باليوم الآخر، قال سبحانه:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[البقرة:١٧٧]، وقال عز من قائل:{ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[الطلاق:٢].