أنت بارك الله فيك جزء من المعركة، بل على عاتقك الجزء الأكبر منها، فأنت مطالبة بدعم الصفوف الخلفية، وبمساندة الخطوط الأمامية، وحتى تستطيعي أن تقومي بذلك الدور لابد أن تكوني عابدة، صلتك بالله قوية مترابطة، إنهم يشغلونك عن الدور العظيم بتوافه الأمور، يشغلونك باللهو والضياع؛ لأنهم يعلمون تمام العلم أنك متى ما تفرغت للمعركة فهي محسومة لك بإذن الله.
فخلف الرجال العظماء نساء عظيمات، وما كان للرجال أن يؤدوا دورهم لولا الدور العظيم الذي قامت به النساء، فأنت مطلوبة في كل المجالات، ومطلوبة في سد كل الثغرات، في التعليم، والطب، والتربية، وحتى في القتال، فقد لعبت النساء على مر التاريخ دوراً عظيماً في حسم المعارك، فنساء الصحابة رضوان الله عليهن كن يحرضن أزواجهن على الجهاد وهو أعظم تضحية، بل منهن من حملت السيف تقاتل دفاعاً عن عقيدتها ودينها، يقول أنس رضي الله عنه وأرضاه: لما كان يوم أحد رأيت عائشة وأم سليم وإنهما لمشمرتان حتى رئي خدم سوقهما تنقلان القرب على متونهما ثم تفرغانها في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآن القرب، ثم تجيئان فتفرغانها في أفواه القوم.
وهذه مقالةٌ عظيمة من امرأة عظيمة تقول لرسول الله وقد سألها عن خنجر في يدها: إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه يا رسول الله، وأقتل هؤلاء الذين يفرون عنك كما أقتل هؤلاء الذين يقاتلونك، فإنهم لذلك أهل.
إنها مقالة أم سليم بنت ملحان زوجة أبي طلحة رضي الله عنه وأرضاه ورضي عنها، كان ذلك يوم حنين حيث أبلت بلاء حسناً، فكانت تسقي العطشى، وتداوي الجرحى، وتحمل قرب الماء، وهي مع ذلك حامل بابنها عبد الله، فقالت تلك المقولة للرسول صلى الله عليه وسلم لتترك للتاريخ عبرة، ولتؤكد أن المرأة المسلمة جزء لا يتجزأ من معركة المسلمين ضد الباطل عبر الزمان والمكان.
فأنت مربية الأجيال، وصانعة الأبطال، أنت المقاتلة إذا دعت الضرورة والحال، لن أحكي لك عن أخبار الصائمات والقائمات، والمتصدقات والباذلات، ولكن سأسوق إليك أخبار وأحوال العابدات المجاهدات.