للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله تعالى: {يَقُصُّ الحَقَّ} (١)، و {يَقْضِ الحَقَّ} أهما متواترتان؟

فإن قال: نعم فهو الغرض، وإن نفى تواترهما خرق الإجماع المنعقد على ثبوتهما، وباهت فيما هو معلوم منهما، وإن قال: بتواتر بعض دون بعض تحكّم فيما ليس له؛ لأنّ ثبوتهما على سواء فلزم التواتر في قراءة السبعة، فأما ما عداها فغير ثابتٍ تواتراً ولاتجوز القراءة به في الصلاة، ولا في غيرها ولا يكفر جاحده وإن جاء من طريق موثوق به التحق بسائر الأحاديث المروية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن تضمَّن حكماً ثابتاً لزم العمل به وإلا فلا، وربما كان مما نُسخ لفظه، وما نُسِخ لفظه لا تجوز القراءة به مع أن الاجتراء على جحده غير جائز لأنَّ علمه (٢) موكول إلى الله -عز وجل-،/ إذ قد أسند طريق العلم به، ولا يجوز أن نثبت ما لم يعلم صحته بكونه من عند الله قرآناً، لعل ذلك تقوُّلٌ على الله تعالى وكذِبٌ فيدخل في قوله تعالى: {ويَقُولُونَ عَلَى الله الكَذِبَ وهُم يَعْلَمُون} (٣).

وقد ظنَّ مَنْ لا معرفةَ له ومَنْ لم يمعن النظر من الفقهاء أنّ قراءة السبعة يكتفى منها بواحدة، وهو غلطٌ قبيحٌ بل تعلُّم السبعة فرض من فروض الكفاية، ومتى اتفق على ترك واحدة منها وقع الإثم حتى يقوم بها قائم، لأنها أبعاض القرآن وأجزاؤه كما بينت، ولا بد أن تتلى على وجهٍ منها وتعلم القرآن فرض كفاية.


(١) الآية (٥٧) من سورة الأنعام.
(٢) في الأصل [محله] وهوسهوٌ من الناسخ.
(٣) الآية (٧٥) من سورة آل عمران

<<  <  ج: ص:  >  >>