للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قيل لهذا الغالط: أيُّ رواية يكتفى بها ويترك ما سواها، وما من رواية إلا وقد ساوت أختها في الصحة وفي شدة الاحتياج إليها وتضمَّنت مالم تتضمن الأخرى فتركها تضييعٌ للقرآن وإهمال له، حتى ينسى ويرفع.

فإن قال: يكتفى كل واحدٍ في خاصة نفسه بأيها شاء؛ فقد نقض ما قاله واعترف بأنه لابد من ثبوتها والتوفر على نقلها لتعلمها لتكون محفوظةً على الناس فيختار المختار منها ما شاء، وكيف يستجيز هذا القائل أن يسعى فيما ثبت متواتراً من القرآن ليبطل أكثره ويطرحه ويجترئ ببعضه ويدع غيره لا يقرأ ولا ينقل حتى يلتحق بالشاذ والغريب، وهذا محظور لا يجوز وهو محاربة لله ولرسوله، وسعيٌ في تضييع كتابه، وقد قال الشافعي رحمه الله في قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِرُءوسِكُمْ} (١): [إنه قرأ بنصب أرجلكم قوم وبالخفض قوم] (٢) آخرون يعني: غسل الرجلين ومسح الخفين، فانظر كيف أثبت القراءتين وأثبت الحكمين منهما، وهذا هو الذي فهم من قوله عليه السلام: «هكذا أُنزلت … هكذا أُنزلت» (٣).

ومعنى «روايه ناصر»: أي ناصر: لما رواه إذا استبعده جاهل فرده، «ومالك يوم الدين» اسم فاعل كقوله: {مَا لِك المُلْكِ} (٤)، ومعناه مالك إحداثه وإيجاده على حذف المضاف، أو مالك الحكم بين عباده يوم الدين، وأضيف اسم الفاعل إلى الظرف على السعة.


(١) الآية (٦) من سورة المائدة.
(٢) قوله: [أنه قرأ بنصب أرجلكم قوم وبالخفض قوم] في (ت) [أنه أراد بنصب أرجلكم قوماً وبالخفض قوماً].
(٣) صحيح البخاري فضائل القرآن/ باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ١/ ٢٢٤.
(٤) الآية (٢٦) من سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>