للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وأمَّا مَنْ أخذ يفضِّل بين القراءتين، فقال: المالك أعم من الملك لأنه يضاف إلى كل متملكٍ من الدواب والثياب وغيرهما بخلاف الملك؛ فغلطٌ لأنَّ القراءتين صحيحتان] (١)، وليس هذا الاحتجاج بصحيح لأنَّ الله تعالى قد وصف نفسه بالمالك والملك فما وجه هذا الترجيح، وليس لأحدٍ أن يقول هذا ولا أن يقول أيضاً ملك أولى من مالك، ويحتج بأنّ كلَّ ملك مالك، وليس كل مالك [ملكاً] (٢)، أو أنّ الملك من نفذ أمره واتسعت قدرته، والمالك ليس إلا الحائز لشيءٍ، فالوصف بالملك أكمل، هذا كله غلط، والكل جائز.

وهذا الاحتجاج أيضاً واهٍ في نفسه من جهة أنَّ ذلك إنما يكون لبني آدم فأما الخالق تعالى فهو الملك والمالك، فوصفه بالملك لا يخرجه عن الملك، وملك معدول عن مالك للمبالغة.

وقوله: «لقنبلا»، أي: اتبعه مَنْ وَلي هذا، هذا إذا جاء بعده في الرتبة، وهو فعل أمر، وقنبلا مفعول، والصراط أصله السين لأنه من الاستراط وهو الابتلاع كأنه يبتلع سالكيه، وقيل له: لَقْم من ذلك (٣)، وأهل الحجاز يقولون: صراط بالصاد قصد للمجانسة والمشاكلة، لأنَّ السين لا تجانس الطاء والصاد تجانسها أما الطاء فتجانسها في الإطباق والاستعلاء، وأما السين فتجانسها في الصفير والهمس، والمخرج، فعدلوا إليها لهذا التوسط، ومَنْ أشم الصاد زاياً بالغ في طلب المشاكلة لأنها تزيد على الصاد بالجهر الموافق للطاء.


(١) مابين المعقوفتين سقط من (ب).
(٢) الأصل [ملك] وهو سهو لأنه خبر ليس.
(٣) انظر: البحر المحيط ١/ ٢٥، اللسان (لقم) ١٦/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>