للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما قولههم: إنَّ هذا ليس بأمرٍ على الحقيقة فغير صحيح والقائل بذلك معتزليٌّ أو تابع للمعتزلة غير عالم بغرضهم، وذلك أنا استدللنا في مسألة القرآن على أنه قديم لقوله تعالى: {فإنما يقُولُ له كُنْ فَيَكُون} وقلنا: لو كان القول مخلوقا لافتقر إلى قولٍ آخر إلى مالا يتناهى فيؤدِّي إلى القول بأقوال غير متناهية وذلك محال، أو إلى القول بقول مخلوقٍ لم يقل له كن وذلك باطل لأنه خلاف القرآن، أو إلى القول بأنَّ له قولاً قديماً فلما ألزمناهم ذلك، قالوا هذا القول على جهة المجاز والتوسُّع كما قال الشاعر (١):

امتلأ الحوض وقال قَطْني … مهلاً رويداً قد ملأت بطني

وقال آخر (٢):

قد قالت الأنساعُ للبطن الحقي … ........................

وقال الشاعر أيضاً (٣):

وقالت له العينان سمعاً وطاعةً … واحذرنا كالدر لما يُنَظَّمِ

وأجبنا عن ذلك بأنْ قلنا: إنَّ الشاعر أضاف القول فيما ذكر إلى مالا يصح منه القول فعلم أنه على جهة المجاز والتوسع والله سبحانه وتعالى قائل فوجب حَمْلُه على الحقيقة دون المجاز.

فإن قالوا: الدليل على أنه محمولٌ على المجاز أنه ليس هناك مقول له كن.


(١) لم أقف على قائله وهو في جامع البيان ١/ ٥١٠، ولسان العرب (قطن) ١٧/ ٢٢٣.
(٢) القائل أبو النجم وتكملة البيت: «قِدَمَاً فآضَتْ كالفَنِيقِ المحنّقِ»، وليس في ديوانه وهو في الخصائص ١/ ٢٣.
(٣) لم أقف على قائله، وهو في البحر المحيط ١/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>