والكلام في ذلك يتسع فلم أَطِل بذكره، فإنْ تعلقوا بأنَّ الناقلين لم يضبطوا ذلك فالكلام في نقلهم كالكلام في نقل الأئمة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهل كان من في عصرهم من أهل الفصاحة والعلم بكلام العرب يغفل ذلك من موافقٍ ومخالف، ولأنْ جاز عليهم الغَلَط لهو على الناقل دفعه أجوز، ولو ذهب إلى أنها لغة للعرب فصيحة لصحتها عن هذه الجماعة وأجراها مجرى استحوذ لكان أولى وأسلم من الغرر (١).
وقد جاء عنهم اجتماع الساكنين فيما الأول منهما ياء التصغير وقبلها فتحة وجمعوا بينها وبين حروف المد/ لعَلَّهُ حملهم على ذلك مجيئُهُ عن بعض العرب، فهم في هذا أحرى، وليس يمتنع لأنَّ من مذهبهم ألا يعتدُّوا بالسكون والحركة إذا كانا عارضين، ولا بالياء إذا تقدَّمت الواو في ديوان، ولا بالواو إذا تقدمت الياء في رؤيا لمراعاة الأصل والأصل الواو في ديوان، والهمزة في رؤيا فكذلك في هذا لم يراعوا السكون لأنه عارض وإجماعهم على دواب وأشكاله مما يقوِّي ذلك.
ولو وقع بعد الألف ساكن غير مدغم لكرهوه وإن كان عندهم جائزاً، ولو جاءهم عن بعض العرب بيت شعرٍ، أو مَثَلٌ لتعسَّفوا في طلب وجه يصح عليه لايبلغ وضوح ماذكرته وذلك ظاهرٌ من مذاهبهم في كتبهم وكلامهم فأغنى عن الإطالة بذكره.
وهذا الذي ذكره المنبجي لامزيد عليه وعليه يقاس ما يجري مجراه، قال
(١) كثير من النحاة وقعوا في هذه الأخطاء حيث جعلوا النحو ميزاناً يزنون به القراءات المتواترة، بل وأعجب من ذلك أنك تجد بعضاً من المفسرين قد وقع في ذلك حتى طعنوا في قراءة البزي وحمزة وغيره. انظر: ماكتبته في هذه الرسالة ص ١/ ٢١٢.