للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر (١):

إذا أوقدوا ناراً لحرب عدوهم … فقد خاب من يصلى بها وسعيرها

واعترض من ردَّ القراءة، فقال: لو جاز هذا في الشعر والكلام لم يجز في هذه القراءة، قال: وهو خطأ في أمر الدين عظيم لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تحلفوا بآبائكم» (٢) والجواب:/ أنَّ الحكاية عنهم أنهم يتساءلون بالله والرحم ليست بيمينٍ.

فإن قيل: كيف ينهى عن شيء ويحكيه عنهم؟

فالجواب: أنَّ تساؤلهم كان قبل ورود النهي، وأيضاً فليس في الحكاية ما يدلُّ على الإباحة ألا ترى إلى قوله تعالى: {ومِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ والأعْنَابِ تَتَّخِذُونَ منه سَكَرَاً ورِزْقاً حَسَنَاً} (٣)، وأنَّ الحكاية فيه لم تقتض الإباحة، والكوفيون يجيزون العطف المذكور ويختارون سواه، والبصريون يمنعونه، والقراءة ثابتةٌ وهي حجة، وهم يحتجون في العربية بقول بعض العرب يقول قائلهم: سمعت بعض العرب، ونَقْلُ القرآن أثبت وأصح.

وقوله: «والأرحام بالخفض جملا» فيه تورية مليحةٌ لأنَّ الخفض في الجواري الختان وهو لهن جمال، والخفض الذي هو الإعراب جمالٌ للأرحام لما فيه من تعظيم شأنها.


(١) لم أهتد إلى قائله وهو في البحر ٢/ ١٤٨، والإنصاف ٤٦٥، وشرح الكافية الشافية ٣/ ١٢٥٣.
(٢) الحديث عن ابن عمر. انظر: صحيح مسلم كتاب الأيمان ١١/ ١٠٦.
(٣) الآية ٦٧ من سورة النحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>