للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره: المعنى وإنْ يُوفِّ كُلاًّ لمّا فعلوا ما فعلوا ليوفينَّهم، ويجوز أن تكون (إن) مخففة من الثقيلة، و (لما) أصلها لما، ثم وقف بالألف، وأجرى الوصل مُجْرَى الوقف، وأما تشديد لما في غير هذه السورة فوجهها أنَّ (إن) نافيةٌ، و (لما) بمعنى إلا والتقدير: وما كلٌّ إلا جميعٌ لدينا، وما كلُّ ذلك إلامتاعٌ، واستعمال (لما) بمعنى إلا لغة هذيلٍ؛ يقولون: سألتك بالله لما فعلت بمعنى إلا فعلت.

وكذلك قوله تعالى: {لمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} (١) بمعنى (إلا) وعلى ذلك الخليل وسيبويه، وإليه ذهب الزّجاج (٢) أعني جعل (لما) بمعنى إلا، وقال الفرَّاء (٣): لايوجد في شعرٍ ولا غيرهِ ذهب الناس لما زيداً. بمعنى إلا زيداً، وقد نقلها الخليل وسيبويه.

ومَنْ خفَّفَ (لما) في هذا المواضع (فإن) على قراءته مخففة من الثقيلة غيرُ مُعْمَلةٍ

الرابع: قراءةُ ابن عامرٍ وحفصٍ وحمزة بتشديدهما.

قال أبو عليٍّ (٤): لايقال: (وإنَّ كلاًّ إِلاّ) وذلك مُشْكِلٌ؛ وقال الفرَّاء (٥): الأصلُ (لمن ما) فأُبْدِلت النون ميماً وأُدْغِمَتْ في الميم، فاجتمعت ثلاثُ ميماتٍ فحُذِفَتْ التي كانت نوناً، فلم يحسن الجمعُ بين حرفين متحركين متماثلين؛ فأسكنوا الأولى وأدغموها في الأخرى فصار لَمَّا وأنشد (٦):

وإني لَمِمَّا أُصدِرُ الأمر وجهه … إذا هو أعيا بالسبيل مصادِرُه


(١) الآية ٤ من سورة الطارق.
(٢) معاني القرآن للزجاج ٣/ ٨١.
(٣) معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٩.
(٤) الحجة ٤/ ٣٨٧.
(٥) معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٩.
(٦) البيت لأبي حية النميري وهو في الكتاب ١/ ٤٧٧، وتفسير الطبري ١٥/ ٤٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>