للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو علي: فإنْ صحَّت الحكاية عنه، وصحَّ عنده تاريخ ذلك فذاك وإلا فوجهه ما رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لجابرٍ (١): «فهلاّ بكراً تلاعبها وتلاعبك»، فهذا كأنه يتشاغَلُ بمباحٍ وجمامٍ عن الجد لما يتقوَّى به على النظر في العِلْم والعبادة.».

وقرأه حمزة والكسائي: {يَابُشْرى هذا غلامٌ} (٢) بالإمالة على أصلهما/ لأنها فُعلى مِنْ التبشير، وقراءة عاصم معهما يابُشرى على نداء البُشْرى، كأنه يقول: أين أنتِ أقبلي فهذا وقت إقبالك.

أبو علي (٣): «مَنْ قال يابُشراي فأضاف إلى الياء كان للألف التي هي حرفُ الإعراب عنده وجهان:

أن تكون في موضع نصبٍ من حيث كان نداء مضافٍ، والآخر أن يكون كَسْرَاً من حيث كان بمنزلة الميم مِنْ غلامي، والدليل على استحقاقها لهذا الموضع قولهم: كَسَرْتَ فِيَّ، فلولا أنَّ حرفَ الإعراب الذي وليه ياءُ الإضافة في موضعِ كسرٍ ماكُسِرَت الفاءُ مِنْ فِيَّ، وكما كَسَرْتَ في: مررتُ بفيك، وفَتَحْت في رأيت فاك، وضَمَمْتَ في: هذا فُوك، كذلك كَسَرْت في فِيَّ.

وهذا يدل على أنه ليس بمعربٍ من مكانين، ألا ترى أنها تَبِعت حركة غير الإعراب في قولك: كَسَرْت فيَّ ياهذا كما تبعت حركة إعراب في رأيتُ فاك.


(١) أخرجه مسلمٌ في صحيحه ٢/ ١٠٨٧ برقم (٥٦).
(٢) الآية ١٩ من سورة يوسف.
(٣) الحجة ٤/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>