فإن بكى وجزع، فاله عنه، واستقرهم واحدًا واحدًا حتى تأتي امرأ القيس، وكان أصغرهم فأيهم لهم يجزع، فادفع إليه سلاحي وخيلي وقدوري ووصيتي، وكان قد بين في وصيته من قتله، وكيف كان خبره، فانطلق الرجل بوصيته إلى نافع ابنه، فأخذ التراب، فوضعه على رأسه، ثم استقرأهم واحدًا واحدًا، فلكهم فعل ذلك حتى أتى امرأ القيس، فوجده مع نديم له يشرب الخمر، ويلاعبه بالنرد، فقال له: قتل حجر، فلم يلتفت إلى قوله، وأمسك نديمه، فقال له أمرؤ القيس: اضرب، فضرب حتى إذا فرغ، قال: ما كنت لأفسد عليك دستك، ثم سأل الرسول عن أمر أبيه فأخبره، فقال: الخمر والنساء علي حرم حتى أقتل من بني أسد مائة، وأجز نواصي مائة، ويروى أنه قال: ضيعني صغيرًا، وحملني ثأره كبيرًا، لا صحو اليوم، ولا سكر غدًا، اليوم خمر وغدًا أمرٌ، فذهب كلمته هذه مثلا، أي يشغلنا اليوم خمر، وغدًا يشغلنا أمر، يعني أمر الحرب، ثم شرب سبعة أيام، ثم قال:
أتأني، وأصحابي على رأس صليع ... حديث أطار النوم عني وأنعما
وقلت لعجلي بعيد ما به ... تبين، وبين لي الحديث المجمجما
فقال: أبيت اللعن عمرو وكاهلٌ ... أبا حواحمى حجر، فأصبح مسلمًا
وأراد بقوله العجلي رجلا من بني عجل، يقال له عامر الأعور، فهو الذي نقل له الخبر، وله في ذلك أشعار كثيرة منها:
والله لا يذهب شيخي باطلًا ... حتى أبير مالكًا وكاهلًا