٢٩ - يؤخر، فيوضع في كتابٍ فيدخر ... ليوم الحساب! أو يعجل فينقم
المعنى يقول: لا تكتمن الله ما في صدوركم، فإن فعلتم ذلك يؤخر عقاب ويسجل في صحيفة الأعمال، فيدخر ليوم الحساب، أو يعجل العقاب في الدنيا قبل المصير إلى الآخرة، فينتقم من صاحبه، يريد أنه لا مخلص من العقاب آجلاً أو عاجلاً، وهذا البين وسابقه يدلان على أن زهيرًا كان موحدًا موقنًا بيوم القيامة بخلاف ما عليه أكثر الجاهليين من إنكار البعث والحساب، والقرآن الكريم شاهد صدق على ذلك.
الإعراب. يؤخر: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم، واختلف في جازمه، فقال بعض أهل اللغة: هو بدل من يعلم في البيت السابق مجزوم مثله، كما في قوله تعالى:{ومن يفعل ذلك يلق أثامًا، يضاعف له العذاب يوم القيامة} وأنكر بعض النحويين هذا، وقال: لا يشبه هذا الآية الكريمة لأن مضاعفة العذاب هو لقي الآثام، وليس التأخير العلم، وأجاز سيبويه إسكان الفعل للشاعر إذا اضطر، فيجوز على مذهب سيبويه أن يكون (يؤخر) مرفوعًا، إلا أنه سكن الراء لضرورة الشعر، وقال بعض النحويين: هو مجزوم جوابًا للنهي في البيت السابق وهذا سائغ في العربية لا غبار عليه، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى الكتمان المفهوم من البيت السابق، أو يعود إلى (ما في صدوركم) وهو أولى، وبقية الأفعال في البيت معطوفة بحروف العطف على (يؤخر)، فهي مجزومة مثله، وهي مبنية للمجهول أيضًا، ونائب فاعلها يعود إلى ما عاد إليه نائب فاعله. ليوم: متعلقان بالفعل قبلهما، ويوم مضاف والحساب مضاف إليه.
[٣٠ - وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمو ... وما هو عنها بالحديث المرجم]
المفردات. وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمو: يريد ليست الحرب إلا ما