بخبرك من منزل إلى منزل، فلما وصلت إليه لبسها، واشتد سروره بها، فأسرع فيه السم، وسقط جله، فلذلك سمي (ذا القروح) وعلم أن الطماح هو سبب ذلك، فقال سينيته التي منها:
لقد طمح الطماح من بعد أرضه ... ليلبسني من دائه ما تلبسا
ومنها قوله:
وبدلت قرحًا داميًا بعد صحةٍ ... لعل منايانا تحولن أبؤسا
فلما وصل إلى بلاد الروم يقال لها أنقرة، واحتضر بها، قال: رب طعنةٍ مثعنجرة، وخطبةٍ مسحنفرة تبقى غدًا بأنقرة، ويروى في هذه الكلمات غير ذلك، وقال ابن الكلبي، هذا آخر شيء تكلم به، ثم مات.
قيل: رأى قبر امرأة ماتت هناك، وهي غريبة، فدفنت في سفح جبل يقال له: عسيب، فسأل عنها، فأخبر بقصتها فقال:
أجارتنا إن المزار قريب ... وإني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا إنا غريبان ههنا ... وكل غريبٍ للغريب نسيب
ثم مات، ودفن إلى جنب المرأة، فقبره هناك، كذا قال أبو الفرج الأصبهاني، وهو غلط محض، لأن عسبًا جبل بعالية نجد، وأنقرة في بلاد الروم، ولا يدل ضربه المثل بإقامة عسيب على أنه دفن به، أهـ من الديوان بحروفه.
[شيء من سيرته]
روي أن امرأ القيس آلى ألا يتزوج امرأة حتى يسألها عن ثمانية وأربعة واثنتين، فجعل يخطب النساء، فإذا سألهم عن هذا قلن: أربعة عشر، فبينا هو يسير في جوف الليل إذ هو برجل يحمل ابنة له صغيرة كأنها البدر تمامه،