قف بالديار التي لم يعفها القدم ... بلى وغيرها الأرواح والديم
وقال آخرون: ليس قوله في هذا البيت مناقضًا لقوله في البيت الثاني، لأن معناه: لم يدرس رسمها من قلبي، وهو في نفسه دارس، وقالوا: أردا زهير في بيته: قف بالديار التي لم يعفها القدم من قلبي، ثم رجع إلى معنى الدروس، فقال:(بلى وغيرها الأرواح والديم) وقال آخرون معنى (فهل عند رسم دارس) الاستقبال كأنه قال: فهل عند رسم سيدرس بمرور الدهر عليه، وهو الساعة باق، كما تقول: زيد قائم غدًا، معناه زيدٌ يقوم غدًا.
المعنى يقول: إن مخلصي مما بي، وأقاسيه من الآلام دمعة تراق وتصب في ديار الأحبة، ثم استدرك، وقال: لا يوجد ملجأ ومعتمد، أو لا فائدة من البكاء في ديار الأحبة الذاهبة الآثار، والمنمحية الرسوم، ولا طائل في البكاء في هذا الموضع، لأنه لا يرد حبيبًان ولا يشفي قلبًا من وجده.
الإعراب: الواو: حوف استئناف. إن: حرف مشبه بالفعل. شفائي: اسم إن منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، ومتعلقه محذوف، تقديره، مما بي. عبرة: خبر إن. مهراقة: صفة عبرة، وجملة (إن شفائي عبرة) جملة اسمية مستأنفة لا محل لها (فهل) الفاء، ويورى بالواو، وكلاهما حرف عطف. هل: حرف استفهام بمعنى النفي هنا. عند: ظرف مكان متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم، وعند مضاف ورسم مضاف إليه. دارس: صفة رسمن وفاعله ضمير مستتر فيه. من: حرف جر زائد. معول: مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الاسمية السابقة لا محل لها مثلها.