قائده، فيضعها على عاتقه, فلما أصبحوا جاءت تغلب يقودها عمرو بن كلثوم, وجاءت بكر بالنعمان المذكور.
فلما اجتمعوا عند الملك قال عمرو بن كلثوم للنعمان بن هرم: يا أصم جاءت بك أولاد ثعلبة تناضل عنهم, وقد يفخرون عليك, فقال النعمان: وعلى من أظلت السماء يفخرون, قال عمرو بن كلثوم: والله أن لو لطمتك لطمة ما أخذوا لك بها, قال: والله أن لو فعلت ما أفلت بها قيس أير أبيك, فغضب عمرو بن هند, وكان يؤثر بني تغلب على بكر, فقال: يا جارية أعطيه لحيًا بلسان, يقول: الحيه, فقال له النعمان: أيها الملك أعط ذاك أحب أهلك إليك, فقال له عمرو بن هند: أيسرك أني أبوك؟ قال: لا ولكني وددت أنك أمي, فغضب عمرو بن هند غضبًا شديدًا حتى هم بالنعمان, وقام الحارث بن حلزة, فارتجل قصيدته ارتجالًا, وتوكأ على قوسه, فزعموا أنه انتظم به كفه, وهو لا يشعر من الغضب, وكان عمرو بن هند شريرًا لا ينظر إلى أحد به سوء, وكان يقال له: مضرط الحجارة لشدته, وكان الحارث بن حلزة, إنما ينشده من وراء حجاب, فلما أنشده هذه القصيدة أدناه أدناه حتى خلص إليه, هذا قول التبريزي والأنباري في الكلام عن الحارث بن حلزة.
وقالا في الكلام عن حياة عمرو بن كلثوم: وقال الحارث بن حلزة لقومه: إني قد قلت خطبة, فمن قام بها ظفر بحجته وفلج على خصمه, فرواها ناسًا منهم, فلما قاموا بين يديه لم يرضهم, فحين علم أنه لا يقوم بها أحد مقامه, قال لهم: والله إني لأكره أن آتي الملك, فيكلمني من وراء سبعة ستور, وينضح أثري بالماء إذا انصرفت عنه -وذلك لبرص كان به- غير أني لا أرى أحدًا يقوم بها مقامي, وأنا محتمل ذلك لكم, فانطلق حتى أتى الملك, فلما نظر إليه عمرو بن كلثوم, قال للملك: أهذا يناطقني, وهو لا يطيق صدر راحلته؟ فأجابه الملك حتى أفحمه, وأنشد الحارث قصيدته, وهو من وراء