إلى الأبلة، وكان عليه قصر تحج العرب إليه، وهو القصر الذي ذكره الأسود بن يعفر، فقال:
أرض الخورنق والسدير وبارقٍ ... والقصر ذي الشرفات من سنداد
قال: ولم يكن في نزار حي أكثر من إياد، ولا أحسن وجوهًا، ولا أشد امتناعًا، وكانوا لا يعطون الإتاوة أحدًا من الملوك، وكان من قوتهم أنهم أغاروا على امرأة لكسرى أنو شروان فأخذوها وأموالًا له كثيرة، فجهز إليهم كسرى الجيوش مرتين، كل ذلك تهزمهم إياد، ثم إنهم ارتحلوا حتى نزلوا الجزيرة، فوجه بعد ذلك إليهم كسرى ستين ألفًا، وكان لقيط بن يعمر الإيادي ينزل الحيرة، فكتب إلى إياد، وهم بالجزيرة يقول:
سلام في الصحيفة من لقيط ... إلى من في الجزيرة من إياد
بأن الليث كسرى قد أتاكم ... في يشغلكم سوق النقاد
أتاكم منهم ستون ألفًا ... يزجون الكتائب كالجراد
على حنقٍ أتينكم فهذا ... أوان هلاككم كهلاك عاد
فلما بلغ كتاب لقيط إيادًا استعدوا لمحاربة الجنود التي بعث بهم كسرى، فالتقوا فاقتتلوا قتالًا شديدًا حتى رجعت الخيل، وقد أصيب من الفريقين، ثم إنهم بعد لك اختلفوا فيما بينهم، وتفرقت جماعتهم فلحقت طائفة منهم بالشام، وأقام الباقون بالجزيرة -قيل: انظر إعلاله في البيت رقم -٩٣ - من معلقة طرفة.
وقال الأصمعي: وكان طسم وجديس أخوين، فأخذ جديس خراج الملك وهرب، فأخذ الملك طسمًا وطالبه بما على أخيه، فأبى أن يدفع إليه شيئًا. الأباء: هو الذي أبى أن يطيع الملك، فهو صيغة مبالغة، والفعل أبى يأبى إباءً، قال تعالى:{ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}.