إنما يقال لمن عرف بالشعر شبه بفعيل، ودخلته ألف التأنيث الممدودة لتأنيث الجماعة، كما تدخل في صياقلة وزنادقة، وقد سمي الشاعر شاعرًا لفطنته، وهو الفقيه أيضًا، والشاعر مأخوذ من قولهم: ما شعرت بهذا الأمر، أي ما فطنت له. المتردم: هو من قولك: ردمت الشيء إذا أصلحته، وقال الأصمعي: ردم ثوبك، أي رقعه، ويقال: ثوب مردم، أي مرقع، فصار المعنى: هل ترك الشعراء شيئًا يرقع، وإنما هذا مثل، يقول: هل تركوا مقالًا لقائل، أي هل تركوا فنًا من الشعر لم يسلكوه، هذا ويروى (من مترنم) بدل (من متردم) والترنم صوت خفي ترجعه بينك وبين نفسك.
أم هل: إنما دخلت (أم) على (هل) وهما حرفا استفهام لأن هل ضعفت في حروف الاستفهام، فأدخلت عليها (أم) كما أن (لكن) ضعفت في حروف العطف لأنها تكون مثقلة ومخففة من الثقيلة وعاطفة، فلما لم لم تقو في حروف العطف أدخلت عليها الواو، ونظير هذا ما حكي عن الكسائي انه كان يجيز: جاءني القوم إلا حاشا زيد، لأن حاشا ضعفت عنده إذ كانت تقع في غير الاستثناء، وقال الزوزني: وأم ههنا معناه بل أعرفت، وقد تكون (أم) بمعنى (بل) مع همزة الاستفهام، وقال أيضًا: ويجوز أن تكون (هل) ههنا بمعنى قد مقوله تعالى: {هل أتى على الإنسان} أي قد أتى. الدار: انظر البيت رقم -٢ - من معلقة زهير. توهم: أراد به هنا الإنكار، ويحتمل أن يكون بمعنى الظن، والتوهم في الحقيقة إنما هو نوع من الشك، وهو إدراك الطرف المرجوح.
المعنى يقول: هل ترك الشعراء فنًا من فنون الشعر لم يسلكوه، ثم هل عرفت دار المحبوبة بعد شكك فيها ففي البيت تجريد لا يخفى حيث جرد شخصًا من نفسه، وخاطبه.
الإعراب. هل: حرف استفهام. غادر: فعل ماض، الشعراء: فاعل.