سلمة المعروف بديار صاحب أبي عبيدة، وحدثنا به السكري بعد حديثًا يرفعه إلى الأعشى أنه قال: لما خرجت أريد قيس بن معدي كرب بحضرموت أضللت في أوائل أرض اليمن، لأنني لم أكن سلكت ذلك الطريق، فلما أضللت أصابني مطر، فرميت بصري كل مرمى، أطلب لنفسي مكانًا ألجأ إليه، فوقعت عيني على خباء من شعر، فقصدت نحوه، فإذا أن بشيخ على باب الخباء، فسلمت فرد السلام، وأدخل ناقتي إلى بيت، إلى جانب البيت الذي كان جالسًا على بابه، وقال: احطط رحلك واسترح، قال: فحططت رحلي، وجاءني بشيء فجلست عليه، قال: من تكون وأين تقصد؟ قلت: أريد قيس بن معدي كرب، قال: أظنط قد مدحته بشعر؟ قلت: نعم، قال: أنشدينه، فابتدأت أنشده قولي:
رحلت سمية غدوة أجمالها ... غضبي عليك، فما تقول بدالها
فقال: حسبك أهذه القصيدة لك؟ قلت: نعم، ولم أكن أنشدته منها إلا بيتًا واحدًا، فقال: من سمية التي شببت بها؟ فقلت: لا أعرفها، ولكنه اسم ألقي في روعي فاستحسنته فتشببت، فنادى: يا سمية اخرجي، فإذا جارية خماسية قد خرجت فوقفت، وقالت: ما تشاء يا أبة؟ فقال: أنشدي عمكل قصيدتي التي مدحت بها قيس بن معدي كرب، وتشببت بك في أولها، فاندفعت فأنشدتها من أولها إلى آخرها، ما حرفت منها حرفًا واحدًا، فلما أتمتها، قال: انصرفي فانصرفت، ثم قال: هل قلت شيئًا غير هذه؟ قلت: نعم، كان بيني وبين ابن عم لي، يقال له: يزيد بن مسهر ويكنى أبا ثابت، كما يكون بين بني العم، فهجاني وهجوته فأفحمته، قال: وما قلت فيه؟ قال: قلت قصيدة أولها: