للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستحسان كما زعمت الرافضة أنه غُيِّر وبُدِّل، وكذب الله أحاديثهم، وكما ظنَّ النحاة الذين لامعرفة لهم بالآثار، ولاآنِسَةَ لهم بطريق أهلها: أنَّ القراءة جائزةٌ بما يجوز في العربية، وإنَّ الأئمة قرؤوا بالاختيار.

وإن نصبت «عذباً» على أنه حالٌ/ من القرآن فمعناه: أنه لم يزل كذلك وفي تلك الحال نقلوه غير مشوبٍ بشيءٍ.

قيل للقاضي إسماعيل بن إسحاق (١): لِمَ سَلِمَ القرآن من التبديل دون الكتب المنزلة قبله؟

فقال: لأنَّ الكتاب الذي قبله وكل إلى حفاظه، قال الله تعالى {بما اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَبِ الله} (٢)، وهذا الكتاب العزيز تولى الله حفظه، ولم يَكِلْه إلى غيره.

قال الله تعالى: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَفِظُون} (٣)؛ فإن كانت الهاء عائدةً على القرآن فلا إشكال، وإن كانت عائدةً على الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما قيل فمن جملةِ حِفْظِهِ حِفْظُ مَنْ أُنْزِل عليه إذ فيه من الغيوب مايُجَدِّد براهينها نبوته في كل أوانٍ.


(١) الإمام شيخ الإسلام أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق، محدث البصرة الحافظ صاحب التصانيف، وشيخ مالكية العراق وعالمهم، أخذ علم الحديث عن علي المديني، استوطن بغداد وولي قضاءها، له كتاب معاني القرآن، وكتاب القراءات. توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
(تذكرة الحفاظ ٢/ ٦٢٥)
(٢) الآية ٤٤ من سورة المائدة.
(٣) الآية ٩ من سورة الحجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>