وأما الاستدلال للشافعي رحمه اللَّه بالحديث المتفق عليه فلا يخفى أن ما رويناه نصٌّ على العدد، وعلى حكاية كلمات الأذان، فانقطع الاحتمال بالكلية، بخلاف: أمر أن يوتر الإقامة، فإن بعد كون الآمر هو الشارع، فالإقامة اسم لمجموع الذكر، وتعليق الإيتار بها نفسها لا يراد على ظاهره، وهو أن يقول: الإقامة التي هي مجموع الذكر مرة لا مرتين، فلزم كونه إما إيتار ألفاظها كما ذهب إليه، أو إيتار صوتها بأن يَحْدُرَ فيها كما هو المتوارث، فيجب الحمل على الثاني ليوافق ما رويناه من النص الغير المحتمِل. كيف وقد قال الطحاوي: تواترت الأخبار عن بلال -رضي اللَّه عنه- أنه كان يُثَنِّي الإقامة حتى مات، وعن إبراهيم النخعي: كانت الإقامة مثل الأذان، حتى كان هؤلاء الملوك فجعلوها واحدة واحدة للسرعة إذا خرجوا، يعني: بني أمية، كما قال أبو الفرج ابن الجوزي: كان الأذان والإقامة مثنى مثنى، فلما قام بنو أمية أفردوا الإقامة، انتهى كلام ابن الهمام.
وقال الشُّمُنِّي: روى الطحاوي والبيهقي في (الخلافيات) عن أبي العميس قال: سمعت عبد اللَّه بن محمد بن عبد اللَّه بن زيد الأنصاري يحدث عن أبيه عن جده: (أنه رأى الأذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى).
وقوله:(قال إسماعيل) أحد رواة الحديث، شيخ شيخ البخاري ومسلم، وهذا القول أيضًا مذكور في الصحيحين، لكنه ذكره البخاري بلفظ: إسماعيل بن إبراهيم، ومسلم: إسماعيل بن عُلَيَّة، وإبراهيم اسم أبيه وعلية اسم أمه.
قوله:(إلا الإقامة) أي: إلا لفظ (قد قامت الصلاة) فإنه يثنَّى.
قوله:(متفق عليه) الاستثناء مذكور في الحديث المتفق عليه، وقد تفرد بهذا