والوجه الأول أخفى الوجوه لا يكاد يفهم المقصود منه، ولا يستقر الذهن في فهمه، وحاصله: أن الصلاة كانت حاجزة من وصوله إلى الكفر كالجدار بين الرجلين، فلما تركت ارتفع الحاجز فوصل إليه، فافهم. والوجه الثاني فيه من الظهور ما يقربه إلى الفهم، وأما الثالث فاظهر في المقصود وإن كان خلاف المتبادر من اللفظ.
ويمكن أن يكون المراد بالعبد المؤمن وبالكفر الكافر، والمعنى: أن الفارق بين المؤمن والكافر ترك الصلاة، وهو صحيح لوجوده في الكافر دون المؤمن، فإن من حق ما به الفرق أن يوجد في أحد الطرفين دون الآخر، فالصلاة أيضًا فارقة بينهما بوجودها في المؤمن دون الكافر، فكذا ترك الصلاة فارق لوجوده في الكافر دون المؤمن، وهذا معنًى صحيح واضح، غير ما فيه من التكلف في إرادة المؤمن والكافر من العبد والكفر وإرادة الإسلام والكفر منهما، واللَّه أعلم.
وعلى كل تقدير هذا تغليظ وتشديد على ترك الصلاة؛ فإن المؤمن لا يكفر بترك الصلاة عندنا ما لم يستحلّ أو يستخفّ، وقد يروى عن بعض الصحابة ما ظاهره التكفير، وذهب بعضهم إلى قتل تاركها وهو مذهب الشافعي ومالك -رحمهما اللَّه- وإن كان مؤمنًا، وعند الحنفية يسجن ويضرب حتى يصلي.
الفصل الثاني
٥٧٠ - [٧](عبادة بن الصامت) قوله: (وأتم ركوعهن وخشوعهن) يحتمل أن يراد بالخشوع السجود، ووجه تخصيص الركوع والسجود بالذكر لزيادة الاهتمام بهما