للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

١٩٨ - [١] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةٌ،

ــ

الفصل الأول

١٩٨ - [١] (عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (بلغوا عني) قيل: يفهم من الحديث اتصال السند بنقل العدل والثقة عن مثله إلى منتهاه وأداء اللفظ كما سمعه من غير تغيير؛ لأن التبليغ من البلوغ، وهو انتهاء الشيء إلى غايته، ولوقوع (بلغوا عني) مقابلًا لقوله: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) إذ ليس في التحديث ما في التبليغ من الحرج والتضييق، انتهى. ويمكن أن يكون وجه فهم هذا المعنى من التبليغ من جهة أن في التبليغ معنى الجودة والبلوغ إلى الكنه، يقال: شيء بليغ جيد، والبليغ الفصيح يبلغ بعبارته كنه ضميره، هذا، والظاهر أن المراد الاتصال، واشتراط اتصال السند والأداء من غير تغير يفهم من مواضع أخر.

وقوله: (ولو آية) الظاهر أن المراد القرآن أي: ولو كانت آية قصيرة من القرآن، والقرآن مبلَّغ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه الجائي به من عند اللَّه، ويفهم منه تبليغ الحديث بالطريق الأولى؛ فإن القرآن مع انتشاره وكثرة حملته وتكفُّل اللَّه سبحانه بحفظه، لمَّا أمرنا بتبليغه، فالحديث أولى به، وقد يراد بها الكلام المفيد (١) فائدة شريفة شاملة بكون


(١) قال القاري: وَالأَظْهَرُ أَنَّ المُرَادَ الْكَلَامُ الْمُفِيدُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الآيَةِ وَالْحَدِيثِ، وَإنَّمَا اخْتِيرَ لَفْظُ الآيَةِ لِشَرَفِهَا، أَوِ الْمُرَادُ مِنَ الآيةِ الْحُكمُ الْمُوحَى إِلَيهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ المَتْلُوَّةِ وَغَيْرِهَا بِحُكْمِ عُمُومِ الْوَحْي الجَلِيِّ وَالخَفِيِّ، أَوْ لأَنَّ كُلَّ مَا صَدَرَ عَن صَدْرِهِ فَهُوَ آيَةٌ دَالَّةٌ عَلَى رِسَالَتِهِ، فَإنَّ ظُهُورَ مِثْلِ هَذهِ الْعُلُومِ مِنَ الأُمِّيِّ مُعْجِزَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. "مرقاة المفاتيح" (١/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>