وذكر في (المواهب اللدنية (١)) عن أسماء بنت أبي بكر: ولما خفي علينا أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتانا نفر من قريش منهم أبو جهل بن هشام، فخرجت إليهم، فقال: أين أبوك؟ فقلت: واللَّه لا أدري أين أبي، قالت: فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشًا خبيثًا، فلطم خدي لطمة، خرج منها قرطي، ثم انصرفوا، ولما لم يدر أين توجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أتى رجل من الجن يسمعون صوته ولا يرونه، وهو ينشد هذه الأبيات:
جزى اللَّه رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر ثم ترحلا ... فأفلح من أمسى رفيق محمد
[٨ - باب الكرامات]
اتفق أهل الحق على جواز وقوع الكرامة عن الأولياء، ودل على وقوعها الكتاب والسنة، وتواترت الأخبار به عن الصحابة ومن بعدهم تواترًا معنويًا بحيث لا يتطرق إلى القدر المشترك بينهما شبهة عند الإنصاف وترك العناد، خصوصًا من بعض أكابر المشايخ الصوفية وساداتهم كسيدنا الشيخ محيي الدين عبد القادر، فإنه -رضي اللَّه عنه- كان كثير الكرامات بحيث لا تعد ولا تحصى.
قال بعض المشايخ من أهل زمانه: كانت كراماته كالعقد المنضدة يتبع بعضها بعضًا، كانت تارة تظهر منه وتارة فيه، وكان واحد منا إذا أراد في مجلس واحد أشياء منها لعد، وقال الشيخ الإمام عبد اللَّه اليافعي رحمة اللَّه عليه: كراماته ثابتة بلا شبهة ومعلوم بالاتفاق، وبلغ مبلغ التواتر ما بلغ مثلها من أحد من شيوخ الآفاق.