كمال؛ لأنه يتعلق به نظام البدن والحياة؛ لأنه لدفع المضار والمؤذيات، ولهذا لما لم يكن في النباتات قوة غضبية يعرضها التلف والهلاك ممن يقصده، بخلاف الحيوانات؛ لدفعها المؤذيات بالقوة الغضبية، وقد خلق اللَّه لها آلات جارحة من الأنياب والقرون دافعة لمن قصدها إلا من يغلب عليها.
وفي الآدمي وإن لم تكن آلات مخلوقة في بدنه فعنده عقل يدبر به، ويصنع من الآلات ما يليق بكل حادثة ويناسبها، بخلاف الحيوان فليس له إلا نوع واحد أو اثنان مثلًا، فتعالى اللَّه أحسن الخالقين.
وأما الكبر فمنشؤه العجب، وهو أن يرى الإنسان في نفسه صفاته حسنة وتعجبه تلك، فيكبر عند نفسه إذا أظهر ذلك على الناس بالتفوق والتغلب عليهم والامتناع عن الحق، فهو تكبر واستكبار، وهو مذموم إذا لم يكن بما فيه، بل يتشبع ويظهر من نفسه بالتكلف ما ليس فيها، وأما إذا كان بما فيه من الفضائل يستحق به التقدم والعلو بحسب نفس الأمر فليس بمذموم، ويقابله التواضع، والتواضع توسط بين التكبر والضعة، فالتكبر: أن يطلب ويدعي فوق ما يستحق، والضعة: أن يتنزل عن مقامه، ويترك ما يستحقه، والتواضع: هو القيام على طريقة التوسط والاعتدال، ولكن لما كانت صفة التكبر غالبة في النفس أراد المشايخ الصوفية قمعها، فأقاموا الضعة مقام التواضع لكبح عنان النفس، ومنعها عما هو طبعها، والكمال: هو التوسط والاعتدال في جميع الأحوال.
الفصل الأول
٥١٠٤ - [١](أبو هريرة) قوله: (أن رجلًا) قيل: هو أبو الدرداء، ولعله -صلى اللَّه عليه وسلم-