للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤ - باب غسل الميت وتكفينه]

ــ

٤ - بَابُ غسْل الْمَيِّتِ وَتَكْفِينهِ

اعلم أن غسل الميت فرض بالإجماع، وأجمعوا على أن إيجابه لقضاء حقه، فكان على الكفاية لصيرورة حقه مقضيًّا بفعل البعض، واختلف في سبب وجوبه فقيل: ليس لنجاسةٍ تحل بالموت بل للحدث؛ لأن الموت سبب للاسترخاء وزوال العقل، وهو القياس في الحي لأن الإنسان لا يتنجس لكرامته، وإنما اقتصر في الحي على الأعضاء الأربعة للحرج لكثرة تكرر سبب الحدث منه، فلما لم يلزم سبب الحرج في الميت عاد الأصل؛ ولأن نجاسة الحدث تزول بالغسل لا نجاسة الموت، لقيام موجبها بعده.

وقيل -وهو الأقيس-: سببه نجاسة الميت؛ لأن الآدمي حيوان دموي، فينجس بالموت كسائر الحيوانات، ولذا لو حمل ميتًا قبل غسله لا تصح صلاته، ولو كان للحديث لصحت كحمل المحدث، غاية ما في الباب أن الآدمي المسلم خص باعتبار أن نجاسته الموتية زائلة بالغسل تكريمًا، بخلاف الكافر فإنه لا يطهر بالغسل، ولا تصح صلاة حامله بعده، وقولكم: نجاسة الموت لا تزول لقيام موجبها، مشترك الإلزام، فإن سبب الحدث أيضًا قائم بالغسل.

وقد روي في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: (سبحان اللَّه إن المؤمن لا ينجس حيًا ولا ميتًا (١))؛ فإن صحت هذه الزيادة وجب ترجيح أنه للحديث، وهل يشترط للغسل النية؟ الظاهر أنه يشترط، كذا قال الشيخ ابن الهمام (٢). ولا مضمضة ولا استنشاق في


(١) أخرجه مسلم (٣٧١)، وابن ماجه (٥٣٤).
(٢) "فتح القدير" (٢/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>