حذف تقديره: فمحاها فأعادها لعلي فكتب، أو أطلق كتب بمعنى أمر بالكتابة، وهو كثير، كقوله: كتب إلى كسرى وقيصر، وعلى تقدير حمله على ظاهره فلا يلزم من كتابة اسمه الشريف في ذلك اليوم وهو لا يحسن الكتابة أن يصير عالمًا بالكتابة، ويخرج عن كونه أميًّا، فإن كثيرًا ممن لا يحسن الكتابة يعرف صور بعض الكلمات، ويحسن وصفها بيده وخصوصًا الأسماء، ولا يخرج بذلك عن كونه أميَّا ككثير من الملوك.
ويحتمل أن يكون جرت يده بالكتابة حينئذٍ وهو لا يحسنها، فخرج المكتوب على وقف المراد فتكون معجزة أخرى في ذلك الوقت خاصة، ولا يخرج بذلك عن كونه أميًّا، وبهذا أجاب أبو جعفر السمناني أحد أئمة الأصول من الأشاعرة وتبعه ابن الجوزي، وتعقب ذلك السهيلي وغيره بأن هذا وإن كان ممكنًا ويكون آية أخرى لكنه يناقض كونه أميًّا لا يكتب، وهي الآية التي قامت بها الحجة وأفحم الجاحد وانحسمت الشبهة، فلو جاز أن يصير يكتب بعد ذلك لعادت الشبهة، وقال المعاند: كان يحسن يكتب لكنه كان يكتم ذلك، والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها بعضًا، والحق أن معنى قوله:(فكتب) أي: أمر عليًّا أن يكتب، واللَّه أعلم.
[١٠ - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب]
الْجَزْر: ضد المد، ويجيء بمعنى البحر، والجزيرة: اسم الأرض أحاط بها البحر، وجزيرة العرب: ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام، ثم دجلة والفرات، أو ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولًا، ومن جدة إلى ريف العراق عرضًا، كذا في (القاموس)(١)، وقد نقلنا فيها الأقوال المتعددة في أول الكتاب في (باب الوسوسة)،