قد اعترف علماء الحرمين الشريفين للإمام المحدث عبد الحق برسوخ قدمه في العلم، قال القاضي: إنه الفرد العلم في القطر الهندي، وقال: إنه ممن أعلى اللَّه همته في المطلب، ووفقه للسعي فيما يوصل إلى بلوغ الأرب، وخدم العلم الشريف وضرب فيه بالسهم الأعلى والقدح المعلى، وقد شرفني بالحضور عندي برهة من الزمان في المسجد الحرام بقراءة قطعة من (صحيح الإمام البخاري) وقطعة من (ألفية الحديث) للعراقي البحر الهمام، فاستفدت منه أكثر مما استفاد، وأبدى من الأبحاث ما أحسن فيه وأجاد، قراءة ظهر بها أنه بالإفادة أحق منه بالاستفادة، وأن له رسوخ قدم في الاشتغال على جمل الوجوه المعتادة، انتهى (١).
* الفرق بين منهج المحدث عبد الحق الدهلوي وبين منهج الإمام ولي اللَّه الدهلوي:
١ - الشيخ المحدث لا يتكلم بمصطلحات الصوفية في مؤلفاتهم، والإمام ولي اللَّه يتكلم لكنه لا يخرج عن الكتاب والسنة.
٢ - الشيخ عبد الحق لا يخرج عن مذهب الجمهور قيد شبر، والإمام ولي اللَّه قد ينفرد ببعض آرائه.
٣ - الشيخ عبد الحق يحيط بالموضوع من جميع جوانبه إحاطة تامة مع البحث والتحقيق تشهد على ذلك مؤلفاته، لما ألف كتابه (شرح سفر السعادة) كان بين يديه مكتبة ضخمة لكتب الحديث والرجال والتاريخ والسير، واستفاد منها استفادة كاملة. وقال: لم أرض قط بالتقصير في تصحيح النقول والإحالة على الأصول لا سهوًا ولا نسيانًا، ولم يخرج من طريق الحيطة، ويتجلى هذا المنهج في جميع مؤلفاته. وأما
(١) "الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام" (٥/ ٥٥٤).