للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

٨٦٨ - [١] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِيْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٧٤٢، م: ٤٢٥].

ــ

الفصل الأول

٨٦٨ - [١] (أنس) قوله: (أقيموا الركوع) من أقمت العود: إذا قوَّمْته.

وقوله: (بعدي) أي: من خلفي (١)، وقد سبق الكلام فيه في آخر (الفصل الثالث)


(١) قال القاري (٢/ ٧٠٨): وَهِيَ مِنَ الْخَوَارِقِ الَّتِي أُعْطِيهَا عليه السَّلام، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْكُشُوفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقُلُوبِ الْمُنْجَلِيَةِ لِعُلُومِ الْغُيُوبِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَفِي الْحَدِيثِ حَثٌّ عَلَى الإِقَامَةِ وَمَنْعٌ عَنِ التَّقْصِيرِ، فَإِنَّ تَقْصِيرَهُمْ إِذَا لَمْ يَخْفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ وَالرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِنَّمَا عَلِمَهُ بِاطِّلاعِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ وَكَشْفِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ هَذَا الإِبْصَارَ إِدْرَاكٌ حَقِيقِيٌّ بِحَاسَّةِ الْعَيْنِ، خَاصٌّ بِهِ عليه السَّلام عَلَى طَرِيقِ خَرْقِ الْعَادَةِ، فَكَانَ يَرَى بِهِمَا مِنْ غَيْرِ مُقَابِلَةٍ وَقُرْبٍ، وَقِيلَ: كَانَتْ لَهُ عَيْنٌ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَقِيلَ: بَيْنَ كَتِفَيْهِ عَيْنَانِ مِثْلُ سَمِّ الْخِيَاطِ لَا يَحْجُبُهُمَا شَيْءٌ.
وقال الحافظ (٢/ ٢٢٦): وقد سئل عن الحكمة في تحذيرهم من النقص في الصلاة برؤيته إياهم دون تحذيرهم برؤية اللَّه تعالى لهم، وهو مقام الإحسان المبين في سؤال جبريل كما تقدم في (كتاب الإيمان) "اعبد اللَّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، فأجيب بأن في التعليل برؤيته -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم تنبيهًا على رؤية اللَّه تعالى لهم، فإنهم إذا أحسنوا الصلاة لكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يراهم؛ أيقظهم ذلك إلى مراقبة اللَّه تعالى مع ما تضمنه الحديث من المعجزة له -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، ولكونه يبعث شهيدًا عليهم يوم القيامة، فإذا علموا أنه يراهم؛ تحفظوا في عبادتهم؛ ليشهد لهم بحسن عبادتهم.
وقال صاحب "فتح الملهم" (٣/ ٢٤٧): ومعلوم أن الخطاب في الحديث للذين كانوا لا يحسنون الصلاة، وهم لعدم بلوغهم إلى درجة الإحسان ما كان يسهل عليهم استحضار رؤية اللَّه سبحانه وتعالى، فنبهوا على رؤية الرسول التي كان استحضارها أسهل في حقهم؛ ليعرجوا منها إلى مقام الإحسان الذي هو منتهى منازل السائرين إلى اللَّه، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>