للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٥ - باب الوتر]

ــ

[٣٥ - باب الوتر]

اعلم أن العلماء اختلفوا في الوتر اختلافين، الأول: في أنها واجبة أو سنة، فعامة الأئمة وأبو يوسف ومحمد من أصحابنا يقولون: إنها سنة، وذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه اللَّه- إلى أنها واجبة لا بمعنى الفرض، وقال الشُّمُنِّي: وهو آخر أقواله، وقال: وفي (المحيط) (١): وهو الصحيح، وفي الحاشية: هو الأصح، وعنه أنه فرض، وعنه أنه سنة، وهو قول أبي يوسف ومحمد وأكثر أهل العلم، وحجتهم أن آثار السنن ظاهرة فيه حيث لا يكفَّر جاحده، ولا يؤذَّن له، وقيل عليه: إن الواجب بالمعنى المقصود ههنا أيضًا لا يكفر جاحده فلا يقتضي السنية، وكذا عدم التأذين يوجد في بعض الواجبات كصلاة العيد، فلا يستلزم السنية، وأجيب بأن الاستدلال بمجموع عدم التكفير وعدم الأذان، على أنهم قد ذهبوا إلى سنية صلاة العيد أيضًا، وقد يستدل بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- للأعرابي الذي قال له: هل علي غيرهن: (لا إلا أن تَطَّوَّع)، كما سبق في أول الكتاب، وقوله: (خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد)، الحديث، والجواب (٢): أنه يجوز أن يكون وجوب الوتر بعد ذلك، لأن هذا القول كان في أول الإسلام، ولهذا لم يذكر الحج فيه، على أنه يجوز أن يكون المراد هناك الفرض القطعي الذي لا شبهة فيه، وبمثل هذا يمكن الجواب عن تمسكهم بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد)، الحديث.


(١) "المحيط البرهاني" (٢/ ١٩).
(٢) هذا الكلام بطريق البحث، وقد وقع في بعض الأحاديث الواردة في آخر العهد ما يدل على وجوبه كحديث بعث معاذ إلى اليمن، كما سيجيء، وفي حديث معاذ أيضًا احتمال نسخه بعده باق، وإن كانت مدة يسيرة، كما سيجيء، (منه).

<<  <  ج: ص:  >  >>