للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي صلى اللَّه عليه وسلم

ــ

كما في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} [النمل: ٦].

١ - باب فضل الفقراء وما كان من عيش النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-

اختلفوا في أن الفقير الصابر أفضل أم الغني الشاكر؟ فقال بعضهم: الغني أفضل؛ لأنه تأتي الخيرات والقربات منه أكثر مما تأتي من الفقير، وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في شأن الأغنياء: (ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء) كما مر في (باب الذكر بعد الصلاة)، وبعضهم على أن الفقير أفضل؛ لما أن العبادة مع شدة الفقر وتعبه أشق وأمر، ودلائل الجانبين مذكورة في موضعها، وكفى بأحاديث الباب دليلًا وحجة للفرقة الثانية، وكان شيخنا يروي عن شيخه علي المتقي رحمة اللَّه عليهما أنه لم يأخذ بيدي ولم يبايعني حتى أخذ مني الإقرار باللسان بأفضلية الفقر على الغني، وقال: قولوا: الفقر أفضل من الغني، ثم بايع، انتهى.

وكفى بحال سيد المرسلين وإمام المتقين -صلى اللَّه عليه وسلم- حجة على أفضلية الفقر وإن كان العلماء يتحاشون عن إطلاق اسم الفقير عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه ينبع في العرف عن شيء من الضعف والهوان، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أغنى الأغنياء، وملك ملوك الأرض والسماء، كذا سمعت من شيخي رحمة اللَّه عليه، وقد نقل عن سيدنا ومولانا شيخ الثقلين محيي الدين أبي محمد عبد القادر الجيلاني -رضي اللَّه عنه- أنه سئل عن الغني الشاكر أفضل أم الفقير الصابر؟ فقال: الفقير الشاكر أفضل من كل منهما، وهو في الحقيقة إشارة إلى أفضلية الفقر، يعني أنه ينبغي أن يشكر الفقير على فقره؛ لكونه نعمة عظيمة من اللَّه سبحانه عليه.

هذا وقد اشتهر عن بعض فقراء الصوفية أنه قال: الفقر الاضطراري أفضل من الغني، سيما الاختياري منه، وينبغي أن يعلم أنه ماذا يريد من الفقر الاضطراري؛ فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>