راعى مصلحة نفسه، ويحتمل أن يكون عثمان -رضي اللَّه عنه- فعل ذلك أحيانًا بخلاف مروان فواظب عليه، فلذلك نسب إليه بدليل أن البخاري ومسلمًا وأبا داود والنسائي أخرجوا عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: حضرت يوم العيد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي اللَّه عنهم- فكانوا يصلون قبل الخطبة، وقد روي عن عمر [مثل] فعل عثمان، وقال عياض ومن تبعه: لا يصح عنه وفيما قالوه نظر، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري قال: من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية، وروى ابن المنذر عن ابن سيرين أنه فعل ذلك زياد بالبصرة، قال: ولا مخافة بين هذين الأثرين وأثر مروان؛ لأن كلا من مروان وزياد كان عاملًا لمعاوية، فيحمل على أنه ابتدأ ذلك فتبعه عُمّاله، واللَّه أعلم، انتهى.
ومن فوائد الحديث إنكار العلماء على الأمراء إذا صنعوا ما يخالف السنة وجواز عمل العالم بخلاف الأولى؛ لأن أبا سعيد -رضي اللَّه عنه- حضر ولم ينصرف على ما هو الصحيح، فيستدل به على أن البداية بالصلاة فيها ليس بشرط في صحتها، وقال الشيخ ابن الهمام (١): لو خطب قبل الصلاة خالف السنة ولا يعيد الخطبة، وقيل: حمل أبو سعيد فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على التعيين، وحمله مروان على الأولوية، واعتذر من ترك الأولى بما ذكره، فرأى أن أصل السنة وهو استماع الخطبة أولى من المحافظة على هيئته فيما ليست من شرطها، كذا قال الشيخ، واللَّه أعلم.
[٤٨ - باب في الأضحية]
فيه أربع لغات: الأضحية بضم الهمزة وكسرها مع تشديد الياء وتخفيفها، وجمعها