للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يكون عثمان -رضي اللَّه عنه- فعل ذلك مرة ثم أعاده مروان، ولم يطلع على ذلك أبو سعيد، وإنما اختص كثير بن الصلت ببناء المنبر بالمصلى؛ لأن داره كانت مجاورة للمصلى، كما جاء في (صحيح البخاري) من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتى في يوم العيد إلى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت، قال ابن سعد: كانت دار كثير بن الصلت في قبلة المصلى في العيدين، وإنما بنى كثير بن الصلت داره بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمدة، لكن لما كانت شهيرة في تلك البقعة وصف المصلى بمجاورتها.

وثانيهما: أن السنة في العيدين الصلاة قبل الخطبة، واتفق أصحاب الكتب الستة على رواية: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى قبل الخطبة وعمل أبو بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- بعده كذلك، وقال الترمذي: وعليه العمل عند أهل العلم من الصحابة وغيرهم، وقالوا: أول من خطب قبل الصلاة مروان بن الحكم حين كان أمير المدينة من قبل معاوية.

وقال في (فتح الباري) (١): اختلف في أول من غير ذلك، فرواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد -رضي اللَّه عنه- عند مسلم صريحة في أنه مروان، وقيل: بل سبقه إلى ذلك عثمان -رضي اللَّه عنه-، فروى ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري رحمه اللَّه قال: أول من خطب قبل الصلاة عثمان -رضي اللَّه عنه- صلى بالناس، ثم خطبهم -يعني على العادة- فرأى ناسًا فلم يدركوا الصلاة ففعل ذلك، أي: صار يخطب قبل الصلاة، وهذه العلة غير التي اعتل بها مروان؛ لأن عثمان -رضي اللَّه عنه- راعى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة، وأما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة، لكن قيل: إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع الخطبة لما فيها من سب من لا يستحق السب، والإفراط في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما


(١) "فتح الباري" (٢/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>