للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَيْنَ الِابْتِدَاءُ بِالصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: لَا يَا أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ تُرِكَ مَا تَعْلَمُ، قُلْتُ: كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَمُ ثَلَاثَ مِرَارٍ ثُمَّ انْصَرفَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ٨٨٩].

* * *

ــ

وقوله: (أين الابتداء بالصلاة) أي: الذي هو المعروف من فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- وخلفائه -رضي اللَّه عنهم-، (فقال) أي: مروان: (لا) أي: لا تنازع في ذلك، أو لا نبتدئ بالصلاة، (قد ترك ما تعلم) أي: تركته لأجل مصلحة رأيتها، وهو أن الناس لا ينتظرون لاستماع الخطبة لو قدمت الصلاة.

وقوله: (ثم انصرف) أي: قال أبو سعيد ذلك ثم انصرف، ولم يحضر الجماعة كذا قال الطيبي (١)، ويحتمل أن يكون المعنى ثم انصرف أبو سعيد من جهة المنبر إلى جهة الصلاة، وأن يكون فاعل (انصرف) مروان، أي: انصرف إلى المنبر ليخطب قبل الصلاة، وقد يتراءى هذا المعنى أظهر من حيث العبارة؛ لأن أبا سعيد متكلم، واللَّه أعلم.

واعلم أنه قد ذكر في هذا الحديث حكمان، أحدهما: أنه لم يكن في المصلى في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منبر، وقد ورد في الصحيح أنه كان ينصرف من الصلاة، فيقوم مقابل الناس، كما مرّ من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه- في أول الباب، وفي رواية: فينصرف إلى الناس قائمًا في مصلاه، ولابن خزيمة: خطب يوم عيد قائمًا على رجليه، ومقتضى ظاهر هذا الحديث أن من اتخذ المنبر هو مروان، وقد وقع في (المدونة) لمالك أن أول من خطب الناس في المصلى على المنبر عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- كلمهم على منبر من طين بناه كثير بن الصلت، لكن هذا معضل، وما في الصحيحين أصح، ويحتمل أن


(١) "شرح الطيبي" (٣/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>