أراد الفقر الذي لا صبر معه فحاشا؛ لأنه كاد أن يكون كفرًا، بل مراده منه أن اللَّه اضطره إلى الفقر واختار له ذلك وهو لا يريد ولا يختار، بل يريد الغني، وهو سبحانه جعله فقيرًا بلطفه ورؤبة صلاح حاله، ورزقه فيه الصبر والرضا كما ينبغي ويجري، والفقر الاختياري: أن يترك الغني ويختار الفقر بإرادة منه، ورؤية صلاحه فيه، فالقائل بهذا القول لو رجح هذا الفقر الاضطراري على الاختياري وقال: ذلك مقام المحبوبية اختاره اللَّه تعالى له، وهذا مقام المحبة اختاره العبد لنفسه، لم يبعد، واللَّه أعلم.
وقوله:(لو أقسم على اللَّه لأبره) قيل: معناه أي: لو سأل اللَّه شيئًا وأقسم عليه أن يفعله لفعله ولم يخيب دعوته، وقيل: معناه لو حلف أن اللَّه يفعله أو لا يفعله صدقه في يمينه وأبره فيها، وهذا هو الأظهر، ويؤيده حديث أنس بن النضر: لا واللَّه لا تكسر ثنيتها، وقد مر الحديث في (باب الدية)، قال الطيبي (١): ومما يؤيد الأول لفظ (على اللَّه)؛ لأنه أراد به المسمى، ولو أريد به اللفظ لقيل: باللَّه، انتهى.
ويجوز أن يقال: صلة قسم محذوف، و (على اللَّه) متعلق بفعل مقدر تقديره: لو أقسم باللَّه معتمدًا على اللَّه في غير بره لأبره، فافهم. وللحديث تأويل آخر قريب