للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٨ - باب زيارة القبور]

ــ

إذا فنوا عن أنفسهم، ولم يبق لهم عقل وعلم أعطيهم من حلمي وعلمي، بهما يحمدون ويصبرون وكنت متولي أمورهم، فإن البقاء لازم للفناء، فإذا فنوا في اللَّه بقوا باللَّه، هكذا يسنح في الحال تقرير هذا الحديث، واللَّه أعلم. وهذا التقرير يشمل الحمد والصبر.

وقال الطيبي (١): قوله: (لا حلم ولا عقل) تأكيد لمفهوم (احتسبوا وصبروا) لأن معنى الاحتساب أن يبعثه على العمل الإخلاص وابتغاء مرضات اللَّه، لا الحلم والعقل، فحينئذ يتوجه عليه أنه كيف يصبر ويحتسب من لا عقل له ولا حلم؟ فقال: إذا فني من حلمه وعقله، يتحلم ويتعقل من حلم اللَّه وعلمه، وإلى هذا المعنى يلمح قوله صلوات اللَّه عليه: (من أحب للَّه وأبغض للَّه، وأعطى للَّه فقد استكمل الإيمان) (٢)، فتدبر.

٨ - باب زيارة القبور (٣)

زيارة القبور مستحب؛ فإنه يورث رقة القلوب، ويذكِّر الموت والبلى إلى غير


(١) "شرح الطيبي" (٣/ ٤١٢).
(٢) أخرجه أبو داود في "سننه" (٤٦٨١).
(٣) قال الشيخ محمد بن العلوي المالكي في كتابه "الزيارة النبوية بين البدعية والشرعية" (ص: ١١ - ١٢): مسألة الزيارة مسألة فقهية تتعلق بها الأحكام الشرعية من حلال وحرام ومكروه ومندوب، ولا صلة لها بحديث: "لا تشد الرحال" وليست من القضايا العقدية.
وقد جعلها بعض المتنطعين -هداهم اللَّه إلى الصراط المستقيم- قضية اعتقادية مثل ما فعلوا تمامًا بقضية التوسل بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث جعلوها قضية اعتقادية توحيدية، وبنوا عليها الحكم بالشرك والكفر والإخراج عن الملة، مع أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يقرر في رسائله أنها -يعني قضية التوسل- قضية فقهية.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: فكون البعض يرخص التوسل بالصالحين، وبعضهم يخصه بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه، فهذه المسألة من مسائل الفقه، وإن كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>