واحتجوا أيضًا بأنه لو كان منامًا لما كانت فيه فتنة للضعفاء، ولما استبعده الأغنياء، ولو كان للروح فقط لما كان على البراق المتصف بصفة الدواب، وقالوا: المعراج بالجسم إلى تلك الحضرة العلية لم يكن لأحد من الأنبياء فإنه مقام عَلِيٌّ مخصوص به -صلى اللَّه عليه وسلم- وتشريف وتكريم خاص من الحق سبحانه إياه، فافهم وباللَّه التوفيق.
الفصل الأول
٥٨٦٢ - [١](قتادة) قوله: (عن ليلة أسري به) ليلة بالفتح مضافة إلى (أسري به)، وقد يجعل في بعض النسخ مجرورة منونة، و (أسري به) صفتها، والأول أظهر وأعرق في العربية مع أن الثاني يستلزم حذف ضمير للموصوف، أي ليلة أسري به فيها، كذا قيل، ويشهد للثاني قوله تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ}[البقرة: ٤٨]. و (الحطيم) حجر الكعبة أو ما بين الركن وزمزم والمقام، وقد مرّ تفسيره في (كتاب الحج).
وقوله:(وربما قال: في الحجر) يؤيد قول الحنفية بأن الحطيم هو الحجر، لأن القصة واحدة، ثم اختلفت الروايات في تعيين مكان الإسراء، ففي بعضها:(أسري بي وأنا في الحطيم)، وفي بعضها:(في الحجر)، وفي بعضها:(بينا أنا عند البيت)، وفي بعضها:(فرج سقف بيتي وأنا بمكة)، وفي بعضها: أسري به من شعب أبي طالب، وفي بعضها: في بيت أم هانئ وهو أشهر، والجمع بين هذه الأقوال على ما ذكر في