للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٦ - باب الاستبراء]

ــ

[١٦ - باب الاستبراء]

وهو في الأصل طلب البراءة، وغلب في طلب براءة رحم الجارية من الحمل، فمن ملك أمة بشراء أو وصية أو هبة أو إرث حرم عليه وطؤها ودواعيه حتى يستبرئ بحيضة فيمن تحيض، وبشهر في ذات أشهر، وبوضع الحمل في الحامل، وإن كانت بكرًا أو مشتراةً من امرأة، أو مَحرَمِها، أو من مال الصبي، وكان القياسُ أن لا يجب الاستبراء إذا كانت بكرًا أو مشتراةً من امرأة أو صبي أو مَحرَمِها مثلًا؛ لأن الحكمة في الاستبراء تعرُّفُ براءة الرحم صيانةً للماء عن الاختلاط، وذلك عند الشغل أو توهم الشغل بماءٍ محترمٍ، لكنهم تركوا القياس بالنص، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في سَبايا أوطاسٍ: (ألا لا تُوطَأُ حاملٌ حتى تضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَملٍ حتى تحيضَ حيضةً)، فإن السَّبايا لا تخلو من أن يكون فيها بكرٌ ومسبيَّةٌ من امرأة ونحو ذلك، مع أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- حكم حكمًا عامًا فلا يختص بالحكمة، كما أن الحكمة في تحريم الخمر إيقاع الشيطان العداوة وصدُّه عن الصلاة، فلا يمكن أن يقول: أنا أشرب بحيث لا يقعُ العداوة ولا يصدُّني عن الصلاة، فإذن المصلحة غالبة في تحريمه، فالشرع يحرِّمه على العموم لما في التخصيص ما لا يخفى من الخبط وتجاسر الناس، فإذا ثبت الحكم في السبي على العموم ثبت في سائر أسباب الملك قياسًا أو دلالةً، ثم تأيَّد ذلك بالإجماع، وهذا هو المراد مما قالوا: الحكمة إنما تراعى في النوع لا في كل فرد، والحاصل أنه أمر تعبدي، ثبت بحكم الشارع في السبايا نصًّا، وفي غيرها قياسًا، فإن قلت: إذا كان النص تعبديًّا غير معقول المعنى فلا يقاس عليه؟ قلنا: العلة هنا معلومة قطعًا، لكنها موجودة في غالب الأفراد، فحرم على العموم احتياطًا وسدًّا للذرائع، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>