الحال كذا؛ فإنه سبحانه وتعالى جعل آدم مظهرًا لصفاته وكمالاته، لا بمعنى أنه أدخل فيه صفاته العلية وكمالاته الغير المتناهية، بل جعله متصفًا بمعانٍ يشبه ويماثل صفاته لا من كل الوجوه بل بشيء مماثل لها من حيث الصورة والمجاز وبادئ النظر، وجعله مستعدًّا لأن يتخلق بأخلاقه بالمعنى المذكور، هذا ولكن لا يلائم شيء من هذه الوجوه سياق الكلام الناطق بالنهي عن ضرب وجه الإنسان من بين بقية أجزائه، بل يصلح أن يجعل علة للنهي عن ضربه مطلقًا، اللهم إلا أن يضمر ههنا مقدمة، وهي وجهه أشرف أجزائه، فحاصله أن الإنسان أشرف أجناس المخلوقات، ووجهه أشرف أنواع أعضائه، فليجتنب ضربه، وقد يقال: إن الضمير راجع إلى الوجه بمعنى أن اللَّه خلق آدم مشتملًا على صورة الوجه المشرف المكرم بإبداعه فيه المحاسن والحواس؛ فلا ينبغي أن يضرب، ولا يخلو عن تكلف، واللَّه أعلم.
وقوله:(فقد أتى حدًّا) أي: شيئًا يوجب الحد، والمراد به التعزير، أو هو مبالغة وتشديد، وقيل؛ المراد أتى مكانًا حاجزًا بين ما يجوز إتيانه وما لا يجوز، وهذا أولى.
وقوله:(ما عيرت عليه) أي: لا أعيبُ عليه من العَيْر بالعين المهملة بمعنى