للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ لِبِلَالٍ: "اكلأ لَنَا اللَّيْلَ". فَصَلَّى بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا تَقَارَبَ الْفَجْرُ اسْتَنَدَ بِلَالٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ مُوَجِّهَ الْفَجْرِ، فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: "أَيْ بِلَالُ"، فَقَالَ بِلَالٌ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ،

ــ

(القاموس) (١). وكلأه كمنعه، كَلْئًا وكلاءةً وكلاءً بكسرهما: حرسه.

وقوله: (موجه الفجر) حال من ضمير (استند)، وفي لفظ آخر: (وهو موجه قبل المشرق)، وموجه بكسر الجيم، أي: موجه راحلته إلى الفجر، والمراد من توجيه الراحلة إلى الفجر إناخته بحيث يكون -رضي اللَّه عنه- بالاستناد إليه متوجهًا إلى الفجر، فافهم.

وقد يجعل (موجه) بمعنى متوجه، وكأنه من وجه بمعنى توجه كقدَّم بمعنى تقدَّم، وقد ضبط في نسختنا بفتح الجيم أيضًا، والراحلة: البعير القوي على الأسفار والأحمال، ويستوي فيه الذكر والأنثى، وهاؤه للمبالغة، وغلبة العين كناية عن النوم بلا اختيار.

وقوله: (فلم يستيقظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) استشكل هذا بأنه كان تنام عيناه ولا ينام قلبه، فَلِمَ لم يدرك الطلوع؟ وأجيب بأن إدراك الطلوع والغروب إنما هو فعل العين، فإن قلت: المدرك بالعين إنما هو الطلوع بطريق الإحساس، ولم لم يحصل العلم بالقلب بطريق الكشف كما يعلم المنجم بالحساب؟ قلنا: لو جعل ذلك لحصل بالوحي، ولم يوح إليه في ذلك لحكمة التشريع.

وقوله: (ففزع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي: من فوات الصبح. (فقال: أي بلال)، أي: لِمَ


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>