للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ يُكَبِّرُ، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَعْتَدِلُ فَلَا يُصَبِّي. . . . .

ــ

وقوله: (ثم يكبر) هذا يدل على أن التكبير بعد الرفع، وهو الأصح عندنا على ما في (الهداية) (١)؛ لأن الرفع نفي الكبرياء عن غير اللَّه، والنفي مقدم على الإثبات، كما في كلمة التوحيد، قال الفقيه أبو جعفر: يستقبل ببطون كفيه القبلة، وينشر أصابعه ويرفعها، فإذا استقرت في موضع المحاذاة يكبر، وعليه عامة المشايخ، والمروي عن أبي يوسف والمحكي عن الطحاوي: يرفع مع التكبير؛ لأن الرفع سنة التكبير فيقارنه كتسبيح الركوع والسجود، واختاره بعضهم لأنه ينتظمه المروي عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أنه كان يكبر عند كل خفض ورفع)، وأيضًا حديث أبي حميد الساعدي: (إذا كبّر جعل يديه حذاء منكبيه)، وحديث مالك بن الحويرث: (إذا كبر رفع يديه) ظاهران في ذلك، قال الشيخ ابن الهمام (٢): وههنا قول ثالث قيل به، وهو أنه يكبر أولًا ثم يرفع، كما جاء في رواية البيهقي في (السنن الكبرى) (٣) عن أنس أنه قال: (كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا افتتح الصلاة كبر، ثم يرفع يديه حتى يكون إبهاماه حذاء أذنيه)، ورجاله ثقات، فيوفق بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل كل ذلك، ويترجح تقديم الرفع بالمعنى الذي ذكره صاحب (الهداية).

وقوله: (فلا يصبي) بالتشديد من التفعيل، أي: لا يخفض رأسه جدًا، من صبا الرجل: إذا مال إلى الصبا، كذا في (شرح الشيخ)، وقيل: يُصبي من الإفعال، وفي (النهاية) (٤): لا يصبي رأسه: أي لا يخفضه كثيرًا ولا يميله إلى الأرض، من صبا إلى


(١) "الهداية" (١/ ٤٨).
(٢) "فتح القدير" (١/ ٢٨١).
(٣) "السنن الكبرى" (٢/ ٧٢، ح: ٢٦١٨).
(٤) "النهاية" (٣/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>