للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَشَهُدٌ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَتَخَشُّعٌ وَتَضَرُّعٌ. . . . .

ــ

النافلة أن يكون ركعتين ركعتين ليلًا أو نهارًا، وبه أخذ الشافعي رحمه اللَّه، وعند أبي حنيفة -رحمه اللَّه- أربع ركعات فيهما، وعند أبي يوسف ومحمد في الليل مثنى مثنى، وفي النهار أربع أربع، وقال في (الهداية) (١): وللشافعي -رحمه اللَّه- قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، ولهما الاعتبار بالتراويح، ولأبي حنيفة -رحمه اللَّه- أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي بعد العشاء أربعًا [أربعًا] روته عائشة -رضي اللَّه عنها-، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- يواظب على الأربع في الضحى، ولأنه أدوم تحريمة فيكون أكثر مشقة وأزيد فضيلة، ولهذا لو نذر أن يصلي أربعًا لا يخرج عنه بتسليمتين، وعلى القلب يخرج، والتراويح تؤدى بجماعة فيراعى فيه جهة التيسير، ومعنى ما رواه شفعًا لا وترًا، انتهى.

وقال الشيخ ابن الهمام (٢): قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، إما في حق الفضيلة بالنسبة إلى الأربع أو في حق الإباحة بالنسبة إلى الفرد، وترجيح أحدهما بمرجح، لكنا عقلنا زيادة فضيلة الأربع؛ لأنها أكثر مشقة على النفس بسبب طول تعبدها على الخدمة (٣)، ورأيناه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (إنما أجرك على قدر نصبك) فحكمنا بأن المراد الثاني، أي: مثنى لا واحدة وثلاثًا، وللشيخ ههنا كلام بسيط وتدقيق طويل لخصنا منه هذا القدر، واللَّه أعلم.

وقوله: (تشهد في كل ركعتين) خبر بعد خبر، وفيه بيان معنى كونه مثنى مثنى. و (التخشع) بالباطن أن لا يتطرق إلى القلب الوساوس والخواطر، ولو في أمر أخروي لا تعلق به بصلاته. و (التضرع) في الظاهر بإكثار الدعاء والسؤال فيها، والتمسكن بإظهار


(١) "الهداية" (١/ ٦٧).
(٢) "فتح القدير" (١/ ٤٥٠).
(٣) في "فتح القدير": طول تقييدها في مقام الخدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>