وفي (مختصر النهاية)(١): ويروى فأزمّ القوم بالزاي: أي: أمسكوا عن الكلام كما يمسك الصائم عن الطعام، والأزمة: الحمية، وإمساك الأسنان بعضها عن بعض، والمشهور أرمّ بالراء وتشديد الميم، وإنما أخر في إجابة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي واجبة؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما لم يعين واحدًا بعينه لم يتعين المبادرة بالجواب، لا من المتكلم ولا من أحد بعينه، فكأنهم انتظروا أن يجيب أحدهم، وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء، ورجوا أن يقع العفو منه، ولما رأى -صلى اللَّه عليه وسلم- سكوتهم فهم ذلك، فعرَّفهم أنه لم يقل بأسًا، فافهم.
وقوله:(بأسًا) مفعول به، أي: لم ينطق محذورًا، أو مطلق، أي: لم يقل قولًا فيه إثم، والبأس في الأصل: العذاب والشدة والداهية، والمراد المحذور المكروه.
وقوله:(لقد رأيت اثني عشر ملكًا) سر العدد مفوض إلى علم الشارع.
وقال بعض العارفين: إن لكل شيء من الجواهر والأعراض روحًا مجردة يقومه، فكأنه ظهرت أرواح الحروف المذكورة، فإنها أثنا عشر حرفًا لإسقاط المكررات، وعدم اعتبار الألف والهمزة، فإن الأولى يظهر صورته في الخط دون اللفظ، والثاني يظهر في اللفظ دون الخط على ما بُيّن في موضعه، وقد ورد في بعض الأحاديث:(رأيت بضعة وثلاثين ملكًا) باعتبار المكررات والألفات، واللَّه أعلم.
وقوله:(يبتدرونها) أي: يعجلون ويستبقون إليها.
وقوله:(أيهم يرفعها) متعلق بمحذوف دل عليه (يبتدرونها)، أي: يبتدرونها