للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقِيلَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الإِمَامِ، قَالَ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ: . . . . .

ــ

وقوله: (فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام) أي: فهل نقرأ؟

وقوله: (قال: اقرأ بها في نفسك) أي سرًّا بحيث تسمع نفسك (١)، ولا يجوز عند الشافعي الجهر بالقراءة للمأموم وإن كانت الصلاة جهرية.

وقوله: (قسمت) بصيغة المتكلم.

وقوله: (نصفين) التنصيف باعتبار الآيات، فإن الفاتحة سبع آيات، فثلاث منها ثناء على اللَّه تعالى، وثلاث مسألة للعبد، والآية المتوسطة نصفها دعاء باعتبار أن شطرها الأول وهو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥] أثره وغايته للَّه، وشطرها الثاني للعبد.

وعلم من هذا أن البسملة ليست من الفاتحة، كما هو مذهبنا، وكونها سبع آيات باعتبار عدِّ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]، وغرض أبي هريرة الاستدلال على فرضية قراءة الفاتحة في الصلاة، سواء كان المصلي إمامًا أو مأمومًا، كما يدل عليه الفاء التعليلية في قوله: (فإني سمعت)، ووجهه أن المراد بالصلاة الفاتحة إطلاقًا للكل


(١) قال القاري: بِهِ أَخْذَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ صَحَابِيٍّ لَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ عَلَى أَحَدِ مَعَ احْتِمَالِ التَّقْيِيدِ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ كَمَا قَالَ بِهِ الإِمَامُ مَالِكٌ، وَالإِمَامُ مُحَمَّدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَوْ فِي السَّكَتَاتِ بَيْنَ قِرَاءَةِ الإِمَامِ كَمَا قِيلَ لِلْمَسْبُوقِ فِي دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ، أَوْ مَعْنَاهُ فِي قَلْبِكَ بِاسْتِحْضَارِ أَلْفَاظِهَا، أَوْ مَعْنَاهُ أَوْ مَعَانِيهَا دُونَ مَبَانِيهَا، "مرقاة المفاتيح" (٢/ ٦٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>