للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ٤٨٦].

ــ

المعبد، أي: في الحجرة، أو مصدر ميمي بمعنى السجود، وفي بعض الروايات: (في السجدة)، وفي بعضها: (في السجود)، وفيه دليل على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، إذ لا فرق عند الشافعية بين اللامس والملموس؛ لاستوائهما في اللذة، كما يستوي الفاعل والمفعول في حكم الجماع، واللمس سهوًا بدون شهوة كاللمس عمدًا، كذا في (شرح الحاوي) في شرح قوله: وتلاقي بشرتي ذكر وأنثى (١).

وقال الطيبي (٢): هذا الحديث يدل على أن الملموس لا يفسد وضوءه، واللمس الاتفاقي لا أثر له، إذ لولا ذلك لما استمر على السجود، انتهى. ولعل للشافعية في ذلك قولين، ثم قال: ويمكن أن يقال: إنه كان بين اللامس والملموس حائل.

وقوله: (أعوذ بك منك) ترقى من مكاشفة الصفات إلى مشاهدة الذات، فقال: أعوذ بك منك، وفي الحقيقة الاستعاذةُ بصفاته عن آثار صفاته استعاذةٌ به منه.

وقوله: (لا أحصي) أي: لا أطيق أن أعد وأحصي، وأصل الإحصاء: العدّ بالحصى، وكان ذلك من عادتهم في عدِّ الأشياء الكثيرة.

وقوله: (أنت كما أثنيت على نفسك) مبتدأ وخبر، أي: أنت ثابت وباقٍ على الأوصاف العلية الكاملة التي أثنيت بها على نفسك ببثِّ الآيات والدلائل الدالة على ثبوت تلك الصفات لك، أو أثنيت بها في كلامك القديم، أو (أنت) تأكيد للضمير المتصل في (أثنيت)، أي: لا أطيق ثناء عليك مثل ثناء أثنيت أنت على نفسك.


(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٢٢١).
(٢) "شرح الطيبي" (٢/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>