والرسل، وكذا الكلام في قوله:(السلام علينا)، وما كان من التسليمات والبركات على الأنبياء وأممهم، ثم استقر على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمته المرحومة -رضي اللَّه عنهم أجمعين-، والسلام بمعنى السلامة، وهما مصدران كالمقام والمقامة، وسيجيء تحقيق قولهم:(السلام عليك) في (باب السلام) من (كتاب الآداب)، إن شاء اللَّه تعالى.
ووجه الخطاب لإبقائه على ما ورد حين التعليم، وأصله في ليلة المعراج خطابًا له -صلى اللَّه عليه وسلم- من ربه تعالى وتقدس بعد تحيته له تعالى، ويجوز أن يكون لكون ذاته الشريفة الكريمة نصب عين المؤمنين، وقرة عين العابدين في جميع الأحوال والأوقات، خصوصًا حالة آخر الصلاة لحصول النورانية في القلب.
وقال بعض العارفين: إن ذلك لسريان الحقيقة المحمدية في ذرائر الموجودات وأفراد الكائنات كلها، فهو -صلى اللَّه عليه وسلم- موجود حاضر في ذوات المصلين، وحاضر عندهم، فينبغي للمؤمن أن لا يغفل عن هذا الشهود عند هذا الخطاب؛ لينال من أنوار القلب، ويفوز بأسرار المعرفة، صلى اللَّه عليك يا رسول اللَّه وسلم.
وذكر السيوطي: أن الصحابة كانوا يقولون والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حي:(السلام عليك أيها النبي)، فلما مات قالوا:(السلام على النبي). قال ابن حجر: ولهذا الحديث شواهد قوية أخرجه أبو عوانة وأبو نعيم والبيهقي وغيرهم.
و(البركة) محركة: النماء والزيادة والسعادة، يقال: بارك اللَّه لك وفيك وعليك، وبارك على محمد وعلى آل محمد: أدم له ما أعطيته من التشريف والكرامة، وتبارك اللَّه: تنزه وتقدس، وقيل: ذلك من برك البعير: [إذا] أناخ في موضعه فلزمه، وتطلق البركة [أيضًا] على الزيادة، والأصل هو الأول، كذا في (النهاية)(١).