للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المطلق، وكون العبد مرادًا قائمًا مع القدر الذي هو فعل الحق عزَّ وجلَّ، فلا يسمى صالحًا على الحقيقة إلا من وصل إلى هذا المقام، وهو قوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: ١٩٦]، فهو العبد الذي كُفَّت يده عن جلب مصالحه ومنافعه، وعن رد مضاره ومفاسده، كالطفل الرضيع مع الظئر، والميت الغسيل مع الغاسل، فتولى يدُ القدر تربيته من غير أن يكون له اختيار وتدبير، انتهى. ولا شك أنه إذا وصل العبد إلى هذه المرتبة، يكون في سلامة من جميع الآفات والمخافات الأنفسية والآفاقية، رزقنا اللَّه.

ثم المذكور في هذه الرواية هو تشهد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، وقد اختلفت الروايات في التشهد في بعض ألفاظه، وتشهد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أصحها، وهو المختار لإمامنا الأعظم رحمه اللَّه.

وقال الشيخ (١): أصح حديث رُوِي في التشهد حديث ابن مسعود، وهو المختار في مذهب الإمام الأجل أحمد بن حنبل -رحمة اللَّه عليه- لاتفاق السنة عليه لفظًا ومعنى، وهو نادر، وكون أكثر أهل العلم عليه من الأصحاب والتابعين، ولورود الأمر به وبتعليمه، ففي (مسند أحمد) (٢) -رحمه اللَّه-: أنه أمر ابن مسعود أن يعلمه الناس، وقد وقع في لفظ عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: علمني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- التشهد، كفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن، وفي رواية: أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيدي وعلمني التشهد، وفي هذا زيادة تأكيد في التعظيم.

واختار الإمام الشافعي -رحمه اللَّه- تشهد ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- الآتي، وهو من أفراد مسلم، ورواه غير البخاري من أصحاب الكتب الستة.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٣١٥).
(٢) "مسند أحمد" (١/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>