بيانه الواقع وإثبات توحده وتفرده سبحانه بالهداية والإضلال، لكنه في المعنى طلبٌ وسؤال للهداية منه تعالى والحفظ والوقاية عن الإضلال كأنه قال: أنت الهادي وأنت المضلّ، لا إله إلا أنت، فاهدنا ولا تضلّنا، فإنك قادر على ما تشاء.
ثم الهداية لها معنيان، أحدهما: الدلالة وبيان الطريق الموصل وتعليم علاماتها وكيفية سلوكها، وهذا الذي يسند إلى القرآن والرسول كالضلالة إلى الأصنام والشيطان، وثانيهما: الدلالة الموصلة والإيصال إلى المقصد، وهذا فعل اللَّه تعالى دون غيره تعالى، وهو المراد ههنا.
ولما ورد في الحديث:(كل خطبة ليس فيها تشهُّد فهي كاليد الجذماء)، رواه الترمذي (١)، وقال: هذا حديث حسن، ورواه أبو داود وسكت عليه، أورد الشهادتين، ووصف الشهادة بكونها وسيلةً للنجاة عن عذاب النار وسخط اللَّه والبعد عن جناب قربه تعالى، وكفيلةً لرفع درجات الجنة وقرب اللَّه تعالى ورضاه، وهي التي تكون بالصدق والإخلاص ومواطأة القلب باللسان مع الاستقامة عليها إلى وقت الموت، كما قال اللَّه تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[الأحقاف: ١٣].
وإيراد صيغة الجمع في الحمد والاستعانة والاستغفار، ولفظ الواحد في الشهادة؛ لأن الأول مقام الفرق وملاحظة الكثرة برؤية الآلاء والتقصيرات والذنوب، والثاني مقام الجمع ومشاهدة وحدة الذات فيناسب لفظ الواحد، فتدبر، وليوافقَ كلمة الإسلام ومواردها في الأحاديث.
اعلم أن هذا الكلام الذي ذكره في الخطبة أكثره من كلام النبوة كما روى