هو المضي بالنسبة إلى زمان العامل، فأدخلت ليقربه منه ويقارنه، فالرد حصل أولًا بعد موته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي مستقرة إلى الآن، فافهم.
وقد يقال: إن المراد بالروح ههنا النطق مجازًا، فكأنه قال: إلا ردَّ اللَّه علي نطقي، وهو حي على الدوام، لكن لا يلزم من حياته نطقه، فاللَّه تعالى يرد عليه النطق عند سلام كل مسلّم.
وقال السيوطي: عندي فيه وقفة، فإن منعه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النطق في بعض الأوقات، ورده عليه عند سلام المسلم بعيد جدًا، بل ممنوع؛ فإن النقل والعقل يشهدان بخلافه، أما النقل فإن الأخبار الواردة عن حاله -صلى اللَّه عليه وسلم- وأحوال الأنبياء عليهم السلام في البرزخ مصرحة حقًّا بأنهم ينطقون متى شاؤوا، بل سائر المؤمنين من الشهداء وغيرهم، ولم يرو أن أحدًا يمنع من النطق في البرزخ إلا من مات من غير وصية، فإنه لا يؤذن له في الكلام مع الموتى كما جاء في الحديث.
وأما العقل فلأن في الحبس عن النطق في بعض الأوقات نوع حصر وتعذيب، ولهذا عذب به تارك الوصية، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منزه عن ذلك، انتهى.
ويمكن أن يقال: إن عدم النطق يمكن أن يكون لمثل ما ذكر من مشاهدة الملكوت والاستغراق في مشاهدة الرب، فلا ينطق إلا عند سلام الأمة أو غير ذلك مما في حكمه، وليس في الحديث أنه يمنع عن النطق ويحصر دائمًا إلا عند السلام، فلا بُعد.
نعم في إرادة النطق من الروح مجازًا بعد، ولو صح لصح أيضًا، كما قيل: إن المراد بالروح السمع، ويراد السمع الغير المعتاد الخارق للعادة، بحيث يسمع السلام وإن كان المسلم في قطر بعيد، وقد كان مثل هذا السمع له -صلى اللَّه عليه وسلم- في الدنيا أيضًا، بحيث كان يسمع أطيط السماء، ذكر هذه الأجوبة السيوطي في آخر رسالته المسماة بـ (إنباء الأذكياء