التكبير، ثم التحميد، ثم التسبيح، فدل على أنْ لا ترتيب فيها، انتهى.
أقول: وقد وقع صريحًا في الحديث: (لا يضرك بأيتهن ابتدأت).
وقوله:(دبر كل صلاة) قد عرفت معنى البعدية، ومقتضى ظاهر الحديث أنه يقال عند الفراغ من الصلاة، فلو تأخر ذلك عن الفراغ فإن كان يسيرًا بحيث لا يعدُّ معرِضًا أو كان ناسيًا أو متشاغلًا بما ورد أيضًا بعد الصلاة كآية الكرسي مثلًا فلا يضر، والتشاغل بعد الصلاة بالراتبة هل يكون فاصلًا بها بين المكتوب والذكر المذكور؟ محل نظر، كذا في بعض الشروح، وقد أشرنا إليه سابقًا فتذكر.
وقوله:(ثلاثًا وثلاثين مرة) هذا بظاهره يحتمل أن يكون كل واحد من هذه الأذكار بهذا العدد أو المجموع حتى يكون كل واحد أحد عشر مرة، وقد جاء في رواية أخرى من مسلم هكذا، وقال صاحب (سفر السعادة)(١): وكأنه تفسير بعض رواة الحديث عن أبي هريرة: تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وهذا التفسير وهم؛ لأن المراد كل كلمة من هذه الكلمات ثلاثًا وثلاثين، والنصوص صريحة في ذلك.
وأقول: قد جاءت الروايات مختلفة، ففي أكثرها: كل واحد ثلاثًا وثلاثين، وفي بعضها: كل واحد عشرًا، وفي بعضها: كل واحد أحد عشر، فلو جاء بكل واحد أحد عشر جاز أيضًا، وما الباعث على حمله على الوهم وقد جاء في صحيح مسلم؟ واللَّه أعلم.